قالت مصادر مطلعة لرويترز إن الجهود الأمريكية لوقف القتال بين إسرائيل و حزب الله فشلت بعدما صاغت واشنطن مقترحا “غير واقعي” لوقف إطلاق النار، وكذلك بسبب إصرار إسرائيل على أن يكون بإمكانها إنفاذ هدنة بشكل مباشر.
وذكر مصدر سياسي لبناني مقرب من حزب الله ودبلوماسيان وشخص مطلع على المحادثات أن الصراع قد يستمر لأشهر في ظل عدم وجود مقترح قابل للتطبيق على طاولة المفاوضات قبيل انتخابات الرئاسة الأمريكية يوم الثلاثاء.
وتحدثت جميع المصادر شريطة عدم ذكر أسمائها. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أسئلة من رويترز.
وقال مسؤول أمريكي إن محادثات بين مبعوثين أمريكيين اثنين ومسؤولين إسرائيليين أمس الخميس أثمرت عن نتائج أفضل من المتوقع. ووصف مسؤول أمريكي ثان الاجتماعات بأنها “واقعية وبناءة”، لكنه قال إن الولايات المتحدة لن تتفاوض في العلن.
وأحالت وزارة الخارجية الأمريكية رويترز إلى تعليقات أدلى بها الوزير أنتوني بلينكن وقال فيها إن إسرائيل ولبنان يمضيان نحو التوصل إلى تفاهم بشأن ما هو مطلوب لإنهاء الصراع، لكن يتعين بذل مزيد من الجهود.
ويتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار منذ عام بالتوازي مع حرب غزة، لكن القتال تصاعد في الأسابيع القليلة الماضية.
وتقول إسرائيل إنها كشفت عن أنفاق ومخازن أسلحة لحزب الله في جنوب لبنان وإن الحزب خطط لتنفيذ توغل إلى إسرائيل أكبر من التوغل الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) أن واشنطن وضعت مقترحا لتطبيق هدنة تستمر 60 يوما ينسحب فيها حزب الله من الحدود الجنوبية للبنان، وتتوقف هجمات الطرفين، مع نشر 10 آلاف من قوات الجيش اللبناني في الجنوب.
لكن دبلوماسيين قالا لرويترز إن الجهود الدبلوماسية فشلت لأن المقترح غير قابل للتطبيق.
وقال مسؤول غربي لرويترز “كان غير واقعي تماما بسبب العبء الذي يحمله للجيش اللبناني من أجل حل هذه المشكلات”.
وكرر دبلوماسي إقليمي هذه الشكوك، وأشار على وجه التحديد إلى عناصر “اتفاق جانبي” بين الولايات المتحدة وإسرائيل نشره راديو كان. ويمنح الاتفاق إسرائيل الحق في اتخاذ إجراء ضد التهديدات الوشيكة لأمنها. ووصف الدبلوماسي هذا المقترح بأنه “غير قابل للتطبيق”.
ولم تعلق حكومة لبنان علنا على مسودة المقترح، لكن مسؤولين قالوا لرويترز إن إصرار إسرائيل على “التنفيذ المباشر” لأي اتفاق سيكون انتهاكا لسيادة لبنان.
وزار المبعوثان الأمريكيان آموس هوكشتاين وبريت مكجورك إسرائيل أمس لمناقشة وقف إطلاق النار مع مسؤولين إسرائيليين، لكنهما لم يتوجها إلى لبنان لإجراء محادثات.
وقال المصدر السياسي اللبناني المقرب من حزب الله لرويترز “بعد محاولة هوكشتاين بالأمس، خلاص، يبدو أنه لم يعد أمامنا سوى الميدان الذي ستكون له الكلمة”.
عناد
تجد الولايات المتحدة صعوبة في كسر الجمود في المحادثات.
وقال مصدران لرويترز إن هوكشتاين طلب من لبنان هذا الأسبوع إعلان وقف إطلاق النار مع إسرائيل من جانب واحد لإحراز تقدم، وهو أمر نفاه نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وهوكشتاين.
ويواجه نتنياهو ضغوطا في إسرائيل من عشرات الآلاف ممن نزحوا من مناطق في الشمال للتأكد من أن إسرائيل قادرة على ضمان احترام أي اتفاق، وكذلك ضمان عدم تمكن حزب الله وفصائل مسلحة أخرى من العودة.
وقالت صحيفة (إسرائيل هيوم) المحافظة “من الضروري إذن أن تصر إسرائيل على الاحتفاظ حرية التصرف الأمني لإنفاذ أي اتفاق في لبنان”.
وقال مكتب نتنياهو إنه أبلغ هوكشتاين أمس بأن الشاغل الرئيسي لإسرائيل ليس “هذا الاتفاق أو ذاك على الورق، بل هو قدرة إسرائيل وتصميمها على فرض الاتفاق وإحباط أي تهديد لأمنها من لبنان”.
وأنحى زعماء لبنانيون اليوم على إسرائيل باللائمة في عرقلة التوصل إلى أي اتفاق.
وقال ميقاتي “التصريحات الإسرائيلية والمؤشرات الدبلوماسية التي تلقاها لبنان تؤكد العناد الإسرائيلي في رفض الحلول المقترحة والإصرار على نهج القتل والتدمير”.
وذكر نبيه بري رئيس البرلمان أن إسرائيل “أهدرت أكثر من فرصة محققة” للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وبري حليف لحزب الله وهو أيضا القناة الدبلوماسية الرئيسية المستخدمة في التوسط مع الحزب.
وقال بري في تعليقات لصحيفة الشرق الأوسط إن نتنياهو رفض خريطة طريق توافق لبنان وهوكشتاين عليها، وأضاف أنه تم إرجاء أي جهود دبلوماسية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تُجرى يوم الثلاثاء.
وقال دبلوماسي غربي “السيناريو الأرجح الآن هو أن الإسرائيليين سيواصلون فعل ما يريدون فعله، مع عدم وقف إطلاق النار”.
0 تعليق